حركات اﻹسلام السياسي في اليمن
إن العلاقة غير المنطقية وغير المحكومة بالفهم اﻹجتماعي، وهي كثيراً ما تحكمت في النص الشرعي بأعتباره اﻷصل العقدي الذي ﻻ يجوز الخروج عليه بالنص الوضعي بأعتباره البدعة والضلال - بشكل افتراضي - تجعلنا في العالم اﻹسلامي مكبلين بقيود الماضي، بالرغم من النص الذي نقدسه ليس نصاً قرآنياً أو حديثاً نبوياً متفقاً عليه، بقدر ما هو قراءة ﻷحد فقهاء المسلمين، "فقد ﻻ نستغرب أن نرى في كثير من كتب التراث استعمال مصطلح (النص)، فإذا دققنا النظر، نرى أن ذلك إنما ينصرف لقول المجتهد أو المفسر أو الفقيه". على أن "السمة الوحيدة التي تنفرد بها العلاقة بين الماضي والحاضر في الثقافة العربية واﻹسلامية هي أن الماضي ماثل بوصفه قوة مستقلة عن الحاضر منافسة له، تدافع عن حقوقها إزاءه، وتحاول ان تحل محله لو استطاعت. ولو شئت أن الخص هذه السمة في كلمة واحدة لقلت إن نظرتنا إلى الماضي (التراث) ليست تاريخية - وﻻ حتى واقعية أو شرعية - فالنظرة التاريخية إلى الماضي هي تلك التي تضعه في سياقه الفعلي وتتأمله من منظور نسبي بوصفه مرحلة انتهى عهدها وتلاشت في مراحل ﻻحقة تجاوزتها بالتدريج حتى أوصلتنا إلى الحاضر، وفي هذه النظرة التاريخية ﻻ يكون الماضي قوة منافسة للحاضر، وﻻ تثار على اﻹطلاق مشكلة التوفيق بين الماضي والحاضر عن طريق تجاوزه لذاته. أما في ثقافتنا العربية - واﻹسلامية - فإن الماضي يقطع صلته بعصره بالتدريج ويفقد طابعه النسبي ويخرج عن اﻹطار الزمني الذي كان مرتبطاً به، ليصبح قوة دائمة الحضور، "وﻻ بد أن يتصادم ماهو دائم الحضور مع الحاضر". وهذا ما تنبه له برنارد لويس، فأوجز نظرة اﻹسلاميين نحو المقدس والدنيوي، فـ" ﻻ توجد في الإسلام مصطلحات تميز بين المقدس والدنيوي، بين الروحي والزمني، ﻷنه ﻻ يقبل وﻻ حتى يعرف اﻹنفصام (Dichotomy) الذي تعبر عنه هذه السلسلة من المضادات أو اﻷنشقاق والصدام بين الكنيسة والدولة، بين الإمبراطور والبابا، بين الله والقيصر".