مأساة واق الواق

قدم الشاعر في هذه الرواية تسجيلا تاريخيا عن قضية بلاده أثناء حكم الإمامة بأسلوب طغى فيه الخيال على الواقع ومتأثرا بأفكار افلاطون والفارابي وفرانسيس بيكون وغيرهم من فلاسفة الشرق والغرب عن المدينة الفاضلة. يصور الزبيري مدينته الفاضلة انطلاقا من الأسس التي وضعها ديورانت في كتابه "مباهج الفلسفة " والتي دعت إلى الاهتمام بتغيير ما بداخل الإنسان حتى يصبح لائقا للحياة الفاضلة بفارق أن الزبيري حرص على أن يكون ذلك التغيير منطلقا من أسس الدين الإسلامي الحنيف . و تبدأ رحلة البطل يوم 27 رمضان بوصوله إلى الأزهر الشريف ودخوله في حوار مع كوكبة من علماء الأزهر الذين يتحدثون في كل قضايا الدنيا من دون أن يذكروا مأساة بلاده. كتب الزبيري روايته "مأساة واق الواق " عام 1938 فيما يشبه الرحلة الروحية إلى العالم الآخر حيث يتنامى الحدث عندما يدفعه محاوروه من علماء الأزهر الذين لم يستطيعوا التعرف على بلاده إلى الاستعانة بالتنويم المغناطيسي لمعرفة أسرار بلاده، ليقوم فيها البطل برحلة روحية ينتقل فيها إلى مملكة واق الواق ويشرح لهم تفاصيل ما يراه عن بلاده التي لم يعرفوها ليكون ما يقوله عن بلاده وثيقة للتاريخ ولكي يقدم دليلا مخزيا ضد الدول الكبرى التي لم تعرف اليمن رغم التقدم الكبير فيها. يستعير الزبيري شخوص روايته من شخصيات حقيقية من لحم ودم كانت تعيش في فترة حكم الإمامة وهم الشهداء الذي ضحوا بأرواحهم من أجل حرية الشعوب مستعيرا لبعض الشخوص الشريرة أسماء ارتبطت كثيرا بالذاكرة اليمنية مستعرضا تجارب الشهداء ومكانتهم في الجنة وأحلامهم ومسيرة حياتهم والتكريم الذي وهبه لهم المولى سبحانه باعتبارهم شهداء. ابتعد الزبيري في تقديمه لمدينته الفاضلة عن الفلسفة التجريدية واعتمد على الحركة والإثارة وقدم فيها الكثير من أفكاره الوطنية واسقط فيها الأوضاع المأساوية التي كانت تعيشها اليمن مستعرضا تفاصيل تاريخ اليمن الوسيط متحسسا حلم الثورة وحتميته من خلال الحوارات الكثيرة سواء مع الشهداء في الجنة أم المرتزقة المعذبين الذين ساندوا الطغيان في حياتهم .